موضوع: انا معماري | جان نوفل في عالم المفروشات الأربعاء مارس 02, 2011 11:29 pm
من هو جان نوفل
من منا لا يرغب بأن يرمي نفسه بأحضان هذا الكرسي متناولاً أشهى الوجبات في أرقى المطاعم!
فمن المستحيل أن تتعرف على كرسي "سانت جيمس" دون أن تعتريك الرغبة بامتلاك كرسيٍ مثله، ولكنك في سبيل ذلك عليك أن تتوجه إلى أقرب مكتبٍ للطيران وتحجز تذكرتك إلى ألمانيا وتحديداً إلى معرض imm cologne للمفروشات في كولونيا، والذي يعتبر وجهةً مفضلة لكبرى الشركات المعمارية في ألمانيا والخارج.
فمن أبرز هذه الشركات هي شركة Ligne Roset ومقرها سان فرانسيسكو، والتي كشفت مؤخراً عن شراكةٍ هي الأولى من نوعها مع المعماري الفرنسي الشهير جان نوفل، الذي أطلق العنان لمخيلته المعمارية العبقرية كما هي عادته، فبعد أريكة Skin المريحة، سرق نوفل مصمم معهد العالم العربي في باريس والحائز على شهادة برتزكر عام 2008، أضواء الشهرة من رواد صناعة المفروشات، وباتت الأنظار موجهة إليه وعليه.
فقد عاد نوفل من جديد إلى عالم المفروشات بإصداره كرسي "سانت جيمس" الماثل أمامكم والمصنوع من المطاط من الداخل والخارج، بالإضافة إلى أريكة "سمبل بريدج" التي كانت يوماً ما جزءاً من مجموعة Elémentaire من تصميم نوفل نفسه، وتتميز هذه الأريكة بشكلها المنحني المنساب، حيث يندمج الذراعين والمسند في جسد الأريكة، التي تأتي على الأغلب مصحوبةً بكرسي للقدمين.
وفي تفاصيل التصميم يخبرنا نوفل بأن كرسي "سانت جيمس" قد صمم خصيصاً ليحتل إحدى المطاعم الراقية، بكسوته البيضاء الناصعة من القطن، وليصبح فيما بعد أنموذجاً يحتذى به في عالم المطاعم، فبغض النظر عن كونه كرسياً مريحاً يشجع على الجلوس وتناول الطعام، فإن سانت جيمس سيضفي مسحةً من البساطة على تصميم المطعم.
ولكن هذا لا يعني أبداً بأنه حكرٌ على هذا المطعم دون غيره –والذي فضل نوفل عدم الإفصاح عن اسمه- بل على العكس تماماً، فقد قام نوفل بتصميمه على نحوٍ يمكن فيه إجراء مختلف أنواع التعديلات التي تخطر على قلب وبال بشر، وكأنه أحد أبراج نوفل الشهيرة يمكن لعناصر سانت جيمس بأن تنفصل حسب رغبة الزبون، الذي يمكنه أن يختار ما بين أربعة "فقاعات" أو "فقاعتين" مستثنياً بذلك أذرع الكرسي وأن يلون الكسوة حسبما يشتهي.
ويأتي سانت جيمس هذا ليجسد مبادئ المعماري بالتركيز على الحد الأدنى من الزخارف والزركشات التي تكسو مفروشات المطاعم عادةً، ورغبته بخفض عناصر الكتلة ما أمكن مثل الأقدام والأذرع والدعائم ونقاط التقاء الظهر بالمقعد، إيماناً منه بأن البساطة هي الطريق إلى النجاح دون بهرجة أو تكلف... فقط من المطاط ولا شيء غير المطاط باستثناء الأرجل الفولاذية خفيفة البنية والمقوسة بعناية... ليبدو الكرسي منفوخاً عند النظر إليه... بوحيٍ من شكل شبكة العنكبوت، التي وعلى الرغم من خفتها قد تصمد لأعوامٍ وأعوام.
ونصل إلى أريكة "سيمبل بريدج"، والتي يُحكى بأن نوفل قام بتصميمها في أوائل التسعينيات لتحتل مبنى الكونغرس في مدينة تور الفرنسية، وفيها أراد نوفل الانسلاخ عن كافة التأثيرات الفنية التي طغت على تلك الفترة من فترة الثلاثينيات والسبعينيات، وهاهو اليوم يعيد مجد هذه الأريكة من جديد، بنسخةٍ معدلة أكثر راحة وأناقة، مما يجعلها تتلاءم ومختلف الظروف والاستخدامات... فقد تكون أعلى أو أخفض أو حتى أعرض ولكنها ستبقى تتبع النسب والمواد نفسها تلك التي استخدمت أول مرة.
ومن الواضح بالنظر إلى هذه الأريكة بأن نوفل قد أراد العودة إلى قطع الأثاث التقليدية البسيطة والشفافة، فهذا الجسر البسيط شبه المكعب الذي تبلغ مساحة الجلوس فيه حوالي 65 سم2، يحظى بخطٍ منحني يقطع مقعد الأريكة وذراعيها لضمان أكبر قدرٍ من الراحة والتناغم ما بين أبعاد الكتلة، وهو ما يأخذنا بالذاكرة إلى الأرائك التقليدية البسيطة.
ولكن هذه البساطة لا تخلو أبداً من الحيوية، فقد ضخ الخط المنحني الأنيق الحياة في جسد "سيمبل بريدج"، وأخيراً، ووفاءً لرغبة المصمم بتحقيق البساطة، يُخفي القماش الأسود والأبيض أو الرمادي وحشوة البولي يوريثين المغلفة بالمطاط، تاريخاً حافلاً من أعمال الخياطة والتنجيد.