التصميم المعماري
Snohetta/Hamza Consortium, Architects and Engineers
مما
يثير الدهشة أن المبنى في مجمله بناء معماري بسيط. فالبر غم من مساحته
الشاسعة ، إلا إن الزائر لا يشعر بتلك المساحة عند الدخول من المدخل
الرئيسي للمبنى. داخل المبنى ، يأتي الانتقال من المساحات الضيقة إلى
المساحات الأكبر بشكل تدريجي. وتتسم الساحة الداخلية للمكتبة بالبساطة
الشديدة التي لا توحي بفخامة المكان من الداخل. بعد عبور الأبواب المغلقة
عند مدخل المكتبة إلى الداخل ، يشعر الزائر بالمساحة الشاسعة داخل المبنى.
وبالاقتراب أكثر من القاعات الرئيسية ، تضفي الإضاءة الطبيعية غير
المباشرة والإضاءة التي وزعت بعناية جو خاص على المكتبة من الداخل. وعلى
بعد خطوات من المدخل ، تظهر الشرفة والتي سميت باسم كاليماكوس (الشاعر
الهلنستني العظيم ، والذي وضع أول بيان منظم عن مقتنيات المكتبة القديمة
صنفه بالموضوع واسم المؤلف ، وبذلك اعتبر أبو علوم المكتبات). وبالنظر من
خلال زجاج الشرفة على قاعات القراءة الرئيسية بالمكتبة ، يشعر الزائر
بالانبهار من مساحات قاعات القراءة بأناقتها وروعتها. من شرفة كاليماكوس
تقودنا السلالم إلى قاعات القراءة ، ومن المدهش حقا أن الإحساس بمساحة
القاعات يختلف تماما عنه من الشرفة. ويعتبر هذا التوزيع للمساحات دلالة
على قدرة معمارية فائقة تؤثر في الزائرين من الناحيتين الفكرية والحسية.
ومن ناحية أخرى ، يتأثر الزائر بشكل سطح المبنى ، والأعمدة الأنيقة ،
والكتب والمعروضات ، وهو ما يؤثر في الزائر والقارئ على حد سواء.
وبالرغم
من المساحة الشاسعة لقاعات القراءة ، إلا أن موهبة المعماريين ومهارة
الإنشائيين قد اجتمعت لإضفاء الجاذبية والبساطة على المكان ، من خلال
تقسيم قاعات القراءة إلى سبعة مستويات ، في كل منها مساحة للإطلاع ومساحة
لرفوف الكتب ، بالإضافة إلى مكتب معلومات. كما راعى التصميم توزيع
المساحات في كل مستوى بالشكل الذي يوفر الراحة للقراء والزائرين.
كما قسمت المستويات السبعة بالمكتبة حسب الموضوعات والمواد المعرفية بالشكل الذي يخدم كافة الأنشطة المصاحبة للمكتبة.
في المستوى الأول ، البدروم الرابع ، نجد ما نسميه "جذور المعرفة" ألا وهي الفلسفة ، والتاريخ ، والجغرافيا، والخطوط ، والخرائط.
في
المستوى الثاني ، البدروم الثالث : الأدب والشعر ، وكتبة طه حسين
للمكفوفين ، التي سميت باسم الكاتب والأديب الكبير طه حسين ، والذي سيظل
مصدر إلهام لكل المبصرين يذكرهم بما يمكن أن يحققه المكفوفين من إنجازات
في المستوى الثالث ، البدروم الثاني : الفنون والثقافة ، ومكتبة متخصصة للمواد السمعية والبصرية.
في
المستوى الرابع ، البدروم الأول : المعارض ، والمراجع العامة ، ومكتبة
إيداع مطبوعات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويربط هذه المستوى معظم
أجزاء هذا المجمع الثقافي أسفل ساحة الحضارات. كما يحوي العديد من المعارض
ومتحفين من المتحف الثلاثة بالمكتبة (الآثار والمخطوطات) ، أما المتحف
الثالث الخاص بتاريخ العلوم فيقع أسفل القبة السماوية في البدروم الثاني
ويمكن الوصول إليه فقط من خلال البدروم الأول عند مدخل القبة السماوية.
كما يوجد في البدروم الأول معرضان ومتحف للمخطوطات ، و يمكن أيضا الوصول
إلى متحف الآثار من السلالم بمدخل المكتبة الرئيسي.
في المستوى الخامس عند مدخل المكتبة من ساحة الحضارات : أرشيف الإنترنت ، وعلم الاجتماع ، والقانون.
أما
المستوى السادس فهو مخصص للعلوم الطبيعية. في هذا المستوى وعلى الناحية
الأخرى من المكتبة من المدخل الرئيسي يوجد المدخل للمراكز البحثية ،
والمكتبات المتخصصة للنشء والطفل (أعمار من 5-12 سنة) ، وغرفة مخصصة
لجمعيات أصدقاء المكتبة حول العالم ، والتي تعد مقرا دائما للجمعية
المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية.
أما المستوى السابع فهو مخصص للتقنيات الحديثة.
وفوق تلك المستويات السبعة ، توجد قاعتان للندوات متصلة بالجزء الإداري والبحثي بالمكتبة من خلال كوبريين.
وتعد
خدمات المكتبة على نفس القدر من أهمية وجودة بنائها المعماري : فيسمح
السطح المائل للمكتبة بدخول الضوء الطبيعي ، كما يقاوم الريح ، وتظهر
الأعمدة الأنيقة وكأنها كاتدرائية للكتب ، كما يوجد بالمكتبة أكبر حائط
غشائي في العالم ، فيقع حوالي 16 متر من المبنى تحت مستوى البحر. ويعتبر
هذا نجاح هندسي كبير ، وليس نجاحا معماريا فحسب.
وتتسم المواد
المستخدمة في البناء بالبساطة. كما صمم الأثاث بأكمله من الخشب الخالص.
وتتناسب مكونات المبنى مع بعضها البعض ، بحيث تظهر الأجزاء المختلفة
للمبنى مجتمعة في صورة أفضل من كل واحدة منها على حدا.
وهناك بعض
الاقتراحات الخاصة بالتصميم المعماري الفريد لمبنى المكتبة ، ولكن لم يتم
تنفيذها، ومنها استخدام سقف المبنى في تجارب بيئية لتجميع الطاقة الشمسية.
كما رأى البعض أن هناك حاجة إلى مزيد من الخدمات بالمبنى أكثر مما كان
متوقعا ، وتم إضافة تلك الخدمات إلى التصميم في مراحل التنفيذ ، ومن تلك
الخدمات زيادة عدد المعارض وإنشاء مكتبة متخصصة للطفل. وختاما ، كان هناك
زيادة في حجم الخدمات ، وذلك لمواكبة التصميم الرائع للمبنى والأعداد
الكبيرة من الزائرين في فترة الافتتاح التجريبي والدي وصل إلى حوالي
200.000 زائر في الشهر الواحد ، وذلك قبل تشغيل أي من المتاحف أو المعارض.
وبصفة عامة ، تعتبر تلك النقاط غير ذات أهمية إذا ما قورنت بالإنجازات
الكبيرة الممثلة في كافة أجزاء المبنى.
وربما يكون أفضل ما أصف به مبنى المكتبة هو كونه يستحق عن جدارة اسم مكتبة الإسكندرية.