ولد هليمت يان ، عام 1940 في ألمانيا ، Nürnberg ، و درس الهندسة المعمارية في الكلية التقنية في ميونيخ ،و عمل مع بيتر سيدلين لسنة ، ثم هاجر إلى شيكاغو ، و درس في (IIT ) من عام 1966 حتى 1976 حيث تعلم تقنيات الطراز الحداثي العالمي .
و تأثر هناك بالمعماري (لودويغ ميس فان ) و أصبح من أعضاء شركة (ميرفي ) عام 1981 ، و اصبح اسم الشركة : (ميرفي /يان) ، ثم عمل أستاذا للتصميم المعماري في جامعة ( هارفرد ) و بعد وفاة ( ميرفي ) أصبح رئيسا للشركة (ميرفي /يان )
وعمل مدرساً في (IIT ) من 1989 حتى 1993 .
الأعمال :
لم تكن البداية موفقة جدا، حيث انهار سقف المشروع الأول ( kemper arena ) 1979
و لكن في 1985 بمشروع state of Illinois كانت البداية الحقيقية لأعمال يان المهمة ،
في شيكاغو: برج (واكر درايف ) و مركز ولاية ايليونيس ، تميزت بالمظهر العالي التقنية ، و استخدام الزجاج و المعدن بكثرة . كذلك كان مطار شيكاغو 1987 من أعماله المهمة ، و هو يتميز بتأثيرات الأضواء و الألوان .
مركز سوني في برلين ، 1993 – 2000 ، بتكلفة 800 مليون $ يتالف من سبع مباني مغلفة بالزجاج ،
يتميز تصميمه بكونه منطقيا و مبدعا في نفس الوقت ، حيث يستغل العناصر المطلوب وجودها في المبنى على اساس فلسفي و فكري ، للوصول بالنهاية إلى حالة بصرية و عملية جيدة . يتناغم استخدام المواد و الأضواء و الفراغات و الألوان بطريقة تجعل المكان يتواصل بطريقة صحيحة .
لا يصنف عمله تحت بند واضح من ( حداثي ، ما بعد الحداثي ، كلاسيكي ، نهضوي ) بل إن لقبه : Flash Gordon و يمكن القول بأن أولى إبداعاته في ( مبنى ولاية ايلويونيس 1985 ) كان ينتمي للطراز ما بعد الحداثي ، و لكن ليس هذا طرازه المتبع حتى اليوم .
في أعماله الأخيرة ، بوادر من الحداثية الأوربية ، ففيها من روح الحداثة ..
يقول يان عن عمله بأنه قريب جدا إلى عمل ( ميس فان دير) و يشبه آخرون عمله ب(والتر غروبيوس ، أو كونراد واتشمان ) و هؤلاء المعماريون يستخدمون التقنية الحديثة في "خدمة البناء تقنيا " البناء أكثر من استخدامها لإظهار "شكله" حداثيا .
يتميز عمل يان بتركيزه على "الدمج بين الهندسة و العمارة " archi-neering
كما يسميها هلمت يان و ورنر سوبك ، فتركيزه على هذا الدمج و التوازن الصعب جعل من تصنيف عمله امرا صعبا ، و لكنه أيضا اعطى القوة لأعماله .
في هذا المفهوم للدمج يتعاون المعماريون مع المهندسين كافة ، للوصول إلى بناء يتناسب مع التقنيات و البرمجيات و المواد الحديثة المتوافرة ، و ليس هذا التعاون لمصلحة المتعهدين ، أو لجعل العمارة اقل تكلفة أو أكثر ربحا ، بل هو مبدأ علمي و عملي ، للاستفادة من العلم و التكنولوجيا في خدمة العمارة ، مما يجعلها أكثر ملاءمة لروح العصر ، و أكثر خدمة لساكنيها .
يقول يان بأن البناء المثالي هو الذي يحقق الراحة المطلوبة لمستخدميه ، يحقق وظيفته في خدمتهم ، و يعطي اقل تاثير على البيئة المحيطة ، كأنه غير موجود .
و بالنظر إلى أهم مشروعين ( مركز سوني - برلين ، و مركز القيادة في ايلونيس ) نرى مدى التزام يان بتقديم عمارة متناسبة مع هذا العصر من حيث المواد ، يصفها بقوله : " تتميز ببساطة التصميم و الإنشاء ، و التعبير الواضح عن الأجزاء الداخلية وغاية البناء "
بتعاونه مع المهندسين الميكانيكيين ، و البيئيين ، و الإنشائيين بالإضافة إلى الفيزيائيين و مصنعي المواد ، يبدع يان أبنية تتميز بأقصى استخدام للتقنيات اللماعة ، للنظم البيئية ، و للتخطيط العمراني .
و يختلف عن من سبقوه من المعماريين الحداثيين بأن أعماله ليس فيها الكثير من ال"الثورة" بقدر ما فيها من " التطور " حيث تزداد متانة في التصميم و الأداء مشروعا بعد آخر ، بزيادة خبرته و تجاربه ، و في هذا من الجرأة ما يميز يان عن أغلب المعماريين ، حيث غالبا ما يلتزم المعماري الحلول الآمنة التي توصل لها في أولى مشاريعه .
الشفافية :
ولع يان باستخدام الشفافية واضح في كل أعماله . فهو يرى أن الشفافية و الخفة في البناء ، مفهومان اساسيان ، تتيح المواد الحديثة تطبيقهما .
فهو يرى أن أهم المواد الحديثة و المتعددة الاستخدام التي تستخدم في البناء هو الزجاج ، فهو يؤمن الخيارات الأوسع . Glazing films, frit patterns, higher shading coefficients, "switchable"
مع التطور التقني أصبحت هذه الرقائق اللماعة و التي تتحول بكبسة زر من شفافة إلى مغشاة ، أو الزجاج العازل ، أو الزجاج التشييدي ، أصبحت كل هذه الأنواع من
أهم عناصر البناء الحديث .
أهم مميزات العمارة لدى يان الوضوح و النظام ، غايته جعل المباني منطقية و مفهومة ، و لهذا فإن الزجاج هو مادة البناء الأمثل لديه ، و ذلك لقدرة الزجاج على جعل الفراغات مصفوفة واحدا تلو الآخر ، معزولة عن بعضها و متحدة مع بعضها بنفس الوقت.
يبعد الهيكل الإنشائي عن الواجهة فيبدو البناء مكسيا بالكامل بالزجاج ، فهو يرى أن هذه المواد الحديثة تحتاج لطريقة حديثة في التصميم ، و الإنشاء و جمع العناصر مع بعضها البعض .
و يشير يان إلى أن المواد التقليدية من بيتون و خشب و فولاذ تتطلب مهارة يدوية عالية لتنفيذها ، أما البلاستيك و الزجاج فهي تتطلب اختصاصيين في علوم الهندسة و الفيزياء و الكيمياء و الكمبيوتر ، بينما تحتاج لمهارة يدوية قليلة في تنفيذها .
إن الزجاج أكثر المواد إظهارا ، فهو يجعل كل العناصر مرئية ، حتى التي لم نعتد على رؤيتها ، مما يعطينا إحساس جديد بهذه العناصر . في مركز سوني في برلين ، نلاحظ وجود المصعد الزجاجي ، وهو مثال جيد عن هذا الوضوح ، حيث تظهر حركته الصاعدة و النازلة للعيان ، و الانتقال بين المستويات بهذه الطريقة ساحر جدا ، و هو امتياز لم تكن لتمنحه مواد البناء القديمة .
مركز سوني مثلا يتالف من سبعة مباني ، شفافة بين بعضها البعض ، و الإطلالة من خارج البناء ايضا شفافة ، بحيث تظهر لمحات من المبنى للمشاة في الشارع القريب ، مما يحفز فضولهم .
برأيه إن هذا العصر مناسب جدا لمهنة المهندس المعماري ، لأن التقنيات البيئية في تطور ، و المواد ، و طرق الإنشاء كذلك .
ميرفي ) كهدية ، قبل أن يتقاعد .
أقوال لهيلمت يان ..
• الإبداع في البناء يتجلى في التخلص مما لا يلزم ، اكثر منه في ابتداع الاشياء الجديدة .
• أحاول في تصميماتي الحفاظ على البساطة ، في مدننا ، الشيء البسيط سيبرز و يلفت الانتباه .
• إن الشفافية تختلف عن النظر مباشرة إلى المبنى ، و هي ليست فكرة مادية فقط ، هي فكرة معنوية أيضا .
• لن تفكر بأخذ سيارة أجرة إذا كنت تمشي في شارع (شيكاغو ميشيغان ) ! و لكنك في مدينة بشعة ، ستحتاج لسيارة !
• نريد من الأبنية أن تعمل كآلة تخلق جوا ممتعا .
• من الصعب الحكم على البناء ، و لا يعرف مدى نجاحه إلا بعد أعوام من استخدامه ، الأمر أعقد من مجرد استشارة مهنسي المكتب